ما خلقنا رب العزة والجلال جماداً – راكدين – فنحن كالماء عندما يركد طويلاً يصبح آسناً وبذا يكون التخلص منه اكثر نفعا من الاحتفاظ به.
والانسان – ذكراً كان أو انثى –يعمل بالطاقة الدفينة في حواسه، والتي يستمدها من عقله وعاطفته.. وعليه يصبح الانجذاب باتجاه الطرف الآخر طبيعيا ولكن بقواعد وقوانين يرضعها الطفل مع حليب امه مصدرها الدين الحنيف، مترجمة بالعادات والتقاليد والمسماة الخلق العام.
لكن التعبير أو التصريح بمثل هذه الجاذبية في الموقع غير المناسب أو الزمن غير المناسب هو الذي يجعل المسار ينحرف باتجاه الخطأ أو يتطور الى الخطيئة والعياذ بالله.
قد يصغر الموضوع بالمعاكسة البريئة والتي تميز بها الاخوة المصريون في البلاد العربية – نظرا لخفة دمهم، الشهيرة – وتميز بها كذلك الطليان في الغرب حتى ان الفتاة الايطالية – كما ذكرت لي مرة – تحزن ان لم يعاكسها احد اذ ترى في ذلك حكما قاسيا على هيئتها ونعتها بالقرب من القبح.
لكن الايام التي غيرت كل شيء كذلك غيرت كل البشر، وكلما زاد التزمت زاد الانحراف.
فالأخلاق السامية خط وسط وسلوك وسطي سبيله احترام الآخر وتبادل هذا الاحترام والمحافظة على الحشمة دون مبالغة وعلى حسن المظهر ايضا دون مبالغة.
ولكن ان نصل بهذا العبث الى التحرش الجنسي لغة أو اشارة أو حركة فإن هذا يدل على مرض صاحبه إما نفسيا أو عضويا، فيحتاج لذلك الى علاج طبي وكبح وعقوبة قانونية قاسية من اجل حماية المجتمع من امثاله من اشباه الرجال.
ان اخلاق الرجل بفروسيته شهامة وشجاعة ودفاعاً عن الحق وحرصاً على مجتمعه واحترام اعراض الناس لا بالانتهاك لخصوصيات البشر من اجل تسلية ذاتية أو جماعية دون احساس بردود الفعل عند الطرف الآخر.
كنت اظن ان شبابنا اكبر وارقى من ان يجبر فتاة تقود سيارتها ويضيق عليها حتى ترتطم بعمود النور ثم يفر هاربا ولكن ذلك يحدث دوما، ومنها من يمارس هذا التضييق على حرية الناس بصورة جماعية كجماعة شباب ضد جماعة بنات تضطر الآخريات لترك المكان وإلغاء البرنامج الذي جئن من اجله..
لكن اقذر انواع التحرش هو ما يحدث في الوزارات الحكومية والشركات من رؤساء العمل للموظفة وخاصة تلك التي تبدو عليها الحاجة الى الوظيفة مما يضطرها للتغاضي ولكن مع الحسرة.
واعظم الكبائر هو ما يحدث خارج حدودنا – والحمد لله – من تحرش المحارم بالفتيات مما يفرض عليهن الصمت خوفا من العقاب الذي قد يشتد اكثر من مجرد التحرش.
هنا في البلد الحبيب تتزايد حاجة الوطن لعدد كبير من المواطنات كموظفات فلا بد من وجود آلية حديثة تدل على وجود هذه المحاولات الشاذة وقوانين صارمة للعقاب مع حماية كاملة شاملة للشاكية ميسرة ومتاحة للجميع مع كامل السرية، فالقضية اصعب واقسى وأمرّ من ان يتداولها الناس حول اكواب القهوة أو الشاي.. هذه اعراض وللاعراض قدسية علينا جميعا احترامها.
الفن يتنفس الهواء الطلق
مجموعة من بنات الكويت التففن حول واحدة منهن تحمل عينا تقود الكاميرا الى حيث الجمال والجمال عندها هو قصيدة شعر فيه الصورة وفيه الوزن أو الميزان وفيه اللغة التي تصل الى الوجدان قبل قراءتها، اسمها تهاني الايوب.
شكلت فريقها للعمل من مجموعة من صحبها: ندى الفارس، انوار العازمي، سلمى الياسين، جاسر الشمري، منيرة القناعي، نور عمر المطوع، واختارت شارعا قصيرا ما بين بيتين كريمين البحر والمرزوق، استأذنتهم فقابلوها بالترحيب والمساعدة الايجابية والكرم في القول والرعاية.
اما الموضوع فكان (أنا المرأة الكويتية) فيه تصوير لماضي المرأة الكويتية تجسده فتاة كويت اليوم بكل تفاصيل ومعالم حياتها اليومية عبر كاميرا تهاني وبالابيض والاسود وزينت المدخل بسيارة جدها العائدة الى عام 1962، وما ان ينوي النهار ان يودع حتى تظهر انوار البروجيكتارات من الجيران لتصوير الشارع حتى العاشرة مساء والناس فيه يتجولون بفرحة وسعادة عجيبة واعجاب بهذا الفريق الشبابي الذي قدم اجمل هدية لضاحية الشويخ حتى تزايد عليها الطلب بتكرار التجربة، فقط مجرد ابداع شبابي.
فاطمة حسين
المصدر جريدة الوطن
قم بكتابة اول تعليق